14/04/2025

Article Image

أنهيار سوق السندات في ظل الحرب التجارية

أهمية العلاقة بين سوق السندات والأسهم في أوقات الأزمات يُعد فهم العلاقة المعقدة بين سوق السندات الأمريكية وسوق الأسهم الأمريكية أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية . سوق السندات ، الذي يمثل الديون الصادرة عن الحكومة والشركات، هو حجر الزاوية في النظام المالي فهو السوق الأخطر على الإطلاق وصاحب التأثير الأكبر على دورة الأعمال . في أوقات الأزمات، يمكن أن تتغير العلاقة بين سوق السندات وسوق الأسهم بشكل كبير. يمكن أن تؤدي فترات عدم اليقين الاقتصادي، مثل الركود أو الصدمات الجيوسياسية، إلى تحولات في معنويات المستثمرين وتخصيص الأصول ، مما يؤثر على أداء كل من سوق السندات والأسهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الحروب التجارية، التي تتميز بفرض تعريفات وقيود تجارية بين البلدان، إلى إدخال طبقة أخرى من التعقيد إلى هذه الديناميكيات. يمكن أن تؤثر النزاعات التجارية على النمو الاقتصادي والتضخم وأرباح الشركات ، وكل ذلك يمكن أن يكون له تداعيات كبيرة على أسواق السندات والأسهم.
العلاقة التاريخية بين سوق السندات الأمريكية وسوق الأسهم الأمريكية خلال الأزمات الاقتصادية
تُظهر العلاقة بين سوق السندات الأمريكية وسوق الأسهم الأمريكية نمطًا تاريخيًا يتميز في الغالب بحركة عكسية ، خاصة خلال أوقات الأزمات الاقتصادية. عادةً ما تُعتبر سندات الخزانة، التي تمثل ديونًا صادرة عن الحكومة الأمريكية، أصولًا آمنة يلجأ إليها المستثمرون خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي أو انخفاض سوق الأسهم. تؤدي هذه الزيادة في الطلب على سندات الخزانة إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض عوائدها. وعلى العكس من ذلك، تميل أسعار الأسهم إلى الانخفاض خلال الأزمات الاقتصادية بسبب المخاوف بشأن أرباح الشركات والنمو الاقتصادي.
خلال النصف الأول من فترة الركود، تميل عوائد السندات الأساسية، التي تشمل سندات الخزانة والأوراق المالية ذات الدرجة الاستثمارية، إلى تحقيق عوائد إيجابية تاريخيًا. في المقابل، غالبًا ما تشهد السندات ذات العائد المرتفع والأسهم والسلع عوائد سلبية خلال هذه المرحلة. يوضح هذا السلوك الدور التقليدي للسندات الأساسية في الحفاظ على رأس المال وتقليل المخاطر الإجمالية للمحفظة خلال فترات التباطؤ الاقتصادي. وقد أظهرت السندات العالمية هذا النمط من العلاقة العكسية، حيث حققت عوائد إيجابية في معظم السنوات التي شهدت فيها أسواق الأسهم العالمية خسائر.
يُعد دور السندات كملاذ آمن خلال فترات انخفاض سوق الأسهم مبدأ أساسيًا في استراتيجيات الاستثمار . عندما يواجه الاقتصاد حالة من عدم اليقين، يميل المستثمرون إلى تقليل تعرضهم للأصول الخطرة مثل الأسهم وزيادة مخصصاتهم للأصول الآمنة مثل سندات الخزانة. تؤدي هذه "الرحلة إلى الجودة" إلى زيادة الطلب على سندات الخزانة، مما يدفع أسعارها إلى الارتفاع ويخفض عوائدها. يشير انخفاض العوائد غالبًا إلى الحذر في الأسواق، حيث يبحث المستثمرون عن الأمان وسط توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي أو حتى الانكماش.
ومع ذلك، لم تصمد هذه العلاقة العكسية دائمًا، وهناك حالات يمكن أن يتحرك فيها كل من سوقي الأسهم والسندات في نفس الاتجاه. كان عام 2022 مثالًا حديثًا على ذلك، حيث شهد كل من سوق الأسهم والسندات انخفاضًا في وقت واحد. كان هذا الانحراف عن النمط التاريخي مدفوعًا إلى حد كبير بزيادة حادة وغير متوقعة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي استجابةً لارتفاع التضخم. عندما يكون التضخم مرتفعًا، تنخفض القوة الشرائية للعوائد الثابتة للسندات، مما يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما قد يؤثر سلبًا على كل من أسعار الأسهم والسندات. يمكن أن يؤدي التضخم الكبير أيضًا إلى علاقة إيجابية بين عوائد الأسهم والسندات، حيث يتوقع المستثمرون أن يبقى صناع السياسات أسعار الفائدة مرتفعة للسيطرة على ارتفاع الأسعار.
في الواقع، خلال فترات التضخم الشديد، لم تسجل السندات أبدًا عائدًا حقيقيًا إيجابيًا، مما يدل على التأثير المدمر لارتفاع الأسعار على الاستثمار في الدخل الثابت. وقد فقدت السندات دورها التقليدي كموازن للأسهم في عام 2022 بسبب البيئة الاقتصادية الفريدة التي تميزت بارتفاع التضخم ورفع أسعار الفائدة بشكل متزامن . ومع ذلك، استؤنفت العلاقة العكسية بين الأسهم والسندات في عام 2023، مما يشير إلى أن حالة عام 2022 كانت شاذة نسبيًا.
بالإضافة إلى السابق مع إعلان ترامب التعريفات الجمركية الجديدة لم تستقبلها كلا من سوق الأسهم و السندات بصدر رحب فشهدت سوق الاسهم الامريكية هبوط حاد و كان من المتوقع كالعادة ان تشهد السندات ارتفاع الأمر الذي ينعكس على العائد الخاص بها بصورة سلبية مما يسهل عليه استكمال خطته الاقتصادية بخفض الضرائب بالإضافة إلى خفض سعر الفائدة لتنشيط بيئة الأعمال , إلا أن سوق السندات شاهد ايضا تخارج رؤوس الاموال منه و تم ملاحظة ارتفاع في اسعار الذهب بقوة لتسجل قمة تاريخية جديدة الأمر الذي يؤشر على أن تلك السياسة الاقتصادية و التهديدات السابقة في مجال الدفاع و الشراكة الامنية مع حلفاء الولايات المتحدة الامريكية مؤشر على تسارع فقدان الدولار للهيمنة ومكانته كعملة ملاذ آمن إلى سلسلة من العملات على رأسها اليورو والين الياباني بالإضافة إلى الفرنك السويسري وعملات اخرى
الفترة الرئاسية الثانية ل ترمب : تصاعد الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية على سوق السندات الأمريكية
توعد دونالد ترامب قبل فوره ب فترة رئاسية ثانية ، إلى تصعيد كبير في الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين. خلال حملته الانتخابية، اقترح ترامب فرض تعريفات شاملة، بما في ذلك تعريفة بنسبة 10-20% على جميع الواردات وتعريفة تصل إلى 60% على السلع الصينية . من المتوقع أن يكون نهجه الا أن ترمب تجاوز الحد بصورة متهورة ل تتسم العلاقة التجارية بين الصين والولايات المتحدة بتصاعد كبير في التعريفات الجمركية.
فرضت الولايات المتحدة تعريفة بنسبة 145% على السلع المستوردة من الصين. ويشمل ذلك "تعريفة متبادلة" تم زيادتها مؤخرًا لتصل إلى 125%، بالإضافة إلى تعريفة سابقة بنسبة 20% تتعلق بالفنتانيل . لكن مع ارتفاع العائد على السندات الأمريكية نتيجة موجة البيع الشديدة للسندات تراجعت الولايات المتحدة بقيادة ترامب فتم استثناء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وبعض الإلكترونيات الأخرى مؤخرًا من تعريفة الـ 145%. ومع ذلك، لا تزال التعريفات على أشباه الموصلات قيد الدراسة للمستقبل.
في المقابل لأيجاد توازن يساعد على التفاوض امام الصين تم إلغاء الإعفاء المعتاد للشحنات التي تقل قيمتها عن 800 دولار أمريكي بالنسبة للسلع القادمة من الصين (بما في ذلك هونغ كونغ وماكاو)، مما يعني تطبيق الرسوم على جميع هذه الشحنات. ومع ذلك، هناك تعليق مؤقت لهذا الإجراء حتى 2 مايو 2025، ريثما يتم وضع أنظمة كافية.

ردًا على الإجراءات الأمريكية، رفعت الصين تعريفاتها على السلع المستوردة من الولايات المتحدة إلى 125%. وقد زادت هذه النسبة من معدل سابق قدره 84%.
بينما رفعت الصين تعريفاتها لمواجهة الإجراءات الأمريكية، فقد أشارت إلى أنها لا تخطط حاليًا لاتخاذ المزيد من الإجراءات الانتقامية ضد أي زيادات تعريفية أمريكية محتملة إضافية.
بينما زادت التعريفات على الصين، نفذت الولايات المتحدة مهلة مدتها 90 يومًا على التعريفات المتبادلة الأعلى المزمعة لمعظم الشركاء التجاريين الآخرين، ويبدو أن الهدف من ذلك هو تشجيع المفاوضات مع عزل الصين. هذه المهلة سارية حتى 9 يوليو 2025. و بالتأكيد قد أدانت الصين بشدة التعريفات الأمريكية باعتبارها "بلطجة اقتصادية" وانتهاكًا لقواعد التجارة الدولية. كما قدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية (WTO).
ومع نصيب الصين من الدين الأمريكي يمكن استخدامها كورقة ضغط في الصراع الاقتصادي, فتعتبر الصين ثاني أكبر حائز للديون الأمريكية، ويمكنها نظريًا بيع جزء كبير من هذه الحيازات لخفض قيمة الدولار الأمريكي. ومع ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستكون لها أيضًا عواقب وخيمة على الاقتصاد الصيني، بما في ذلك انخفاض قيمة أصولها المقومة بالدولار. لذلك، على الرغم من أن الصين لديها القدرة على استخدام الدين الأمريكي كسلاح مالي، إلا أن المخاطر المحتملة قد تحد من احتمالية قيامها بذلك. خاصة مع تحالف دول الخليج الشديد مع إدارة ترامب التي من الممكن أن تلعب دور قوي في التخفيف من الأضرار الواقعة على الولايات المتحدة في حالة استخدام الصين ورقة بيع السندات المكثف .
و في جميع الاحوال فرض تعريفات جديدة لها تأثير ضار على الاقتصاد الأمريكي بشكل عام. تشير تقديرات مختلفة إلى انخفاض في نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة و زيادة في التضخم في حالة فرض تعريفات جديدة على الواردات من الصين ودول أخرى. تحذر بعض المؤسسات المالية من أن تصاعد الحرب التجارية يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة التقلبات في الأسواق المالية، بما في ذلك سوق السندات.
التأثير الاقتصادي المتوقع في حالة تفاقم الوضع في الحرب التجارية القائمة
يمكن أن يؤدي تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى تأثيرات كبيرة على العديد من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية والعوامل السوقية، والتي بدورها يمكن أن تؤثر على سوق السندات الأمريكية. تشمل هذه المؤشرات والعوامل ما يلي:
نمو الناتج المحلي الإجمالي: من المتوقع أن يؤدي تصاعد الحرب التجارية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين والعالم
التضخم: من المرجح أن تؤدي التعريفات المرتفعة إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة. يمكن أن يؤدي ارتفاع التضخم إلى تآكل قيمة عوائد السندات الثابتة، مما يجعلها أقل جاذبية ويؤدي إلى ارتفاع العوائد.
البطالة: يمكن أن تؤدي الحرب التجارية إلى تعطيل الأعمال وتقليل الاستثمار، مما قد يؤدي إلى زيادة البطالة. يمكن أن يؤدي ارتفاع البطالة إلى زيادة النفور من المخاطرة وزيادة الطلب على السندات الآمنة.
اسعار الفائدة: يمكن أن يؤثر الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة استجابةً للحرب التجارية. إذا تباطأ النمو، فقد يخفض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى انخفاض عوائد السندات. ومع ذلك، إذا ارتفع التضخم، فقد يرفع أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات.

أسعار صرف العملات: يمكن أن تؤدي الحرب التجارية إلى تقلبات في أسعار صرف العملات، بما في ذلك ضعف الدولار الأمريكي. يمكن أن يؤثر ضعف الدولار على جاذبية سندات الخزانة للمستثمرين الأجانب.
ثقة المستثمرين: يمكن أن تؤدي حالة عدم اليقين الناتجة عن الحرب التجارية إلى تدهور ثقة المستثمرين، مما يؤدي إلى زيادة التقلبات في كل من أسواق الأسهم والسندات.
التوقعات المستقبلية للصراع التجاري الصيني الامريكي
نستطيع القول ان الصين فازت بالجولة الأولى من الصراع بعد اطلاق إدارة ترامب النار على قدميها بالتخبط و محاولات الترقيع الواضحة قرارات اندفاعية و مع فقدان سوق السندات دوره كملاذ آمن عند هبوط سوق الأسهم ارتفع بريق الذهب و المرجح أن يستمر الذهب في التألق خاصة مع الخوف من اعادة تسعير ترمب الذهب و الذي قد يدفعه إلى مستويات فوق ال 4000$ , الجولة الثانية من الصراع قد تتوقف نتيجتها على زيارة ترمب للشرق الأوسط ونجاح تلك الزيارة التي ظهرت بشائرها برفع أوبك الإنتاج للنفط لإيجاد توازن يدعم خفض التضخم في الولايات المتحدة الذي من المتوقع أن يتأثر بسبب التعريفات الجمركية لذلك قد نشهد مزيد في انخفاض النفط دون الـ 50 $ مع استمرار هذا الصراع , بالنسبة إلى سوق الأسهم ف دورة الصعود ما تزال بعيدة خاصة أن ملف التعريفات الجمركية قد يكون الأعلي صوتا حاليا لكن ليس الوحيد علي الساحة لذلك قد تشهد الاسواق مزيد من التذبذبات خلال عام 2025